أين نحن من الخشوع في الصلاة؟
ماهذا الفرح والسرورحينما نري الوجوه النيرة يروحون ويغدون إلي المساجد فيهم كبار السن والشباب والأطفال ولكن السوال هل نؤدي نحن حق الصلاة ولو ذهبنا إلي المساجد؟ سوال ينبغي التأمل عليه ، أكثرنا عند بدأهم الصلاة يذهب كل مذهب في الفكر ، لا خشوع فيها ولا طمانينة أليس من المؤسف أن نصلي ولا يقبل الله صلواتنا ، نعم ! فإن بعض المصلين تدعو عليه صلواته وتقول : "ضيعك الله كما ضيعتني " بل القرآن يقول " فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون "
وهل فكرت يوما لم هذا ؟ لأن الصلاة يناجي فيها العبد ربه ويقدم إليه طلبه ولكن الشيطان الذي هو عدو الله منذ بدأ الإنسانية كيف يرضي أن يترك الإنسان يناجي ربه فأقسم بالله " ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين " الأعراف 16- 17
ما هو الخشوع؟
إخوتي وأخواتي في الله ! هل تعرف ما هو الخشوع ؟ أصل الخشوع كما قال ابن رجب" لين القلب ورقته وسكوته، وخضوعه، وانكساره ، وحرقته. فإذا خشع القلب تبعه خشوع جميع الجوارح ، والأعضاء لأنها تابعة له"
و يقول السيد أبو الأعلي المودودي " المعني الحقيقي للخشوع الإنقياد والإستسلام وإظهارالعجز والخضوع وهذه الكيفية لها علاقة بالقلب وبالجسم ، أما خشوع القلب أن يكون الإنسان خائفا من هيبة أحد وعظمته وجلاله وخشوع الجسم إذا ذهب أمامه ينحني الرأس، يتخلخل الجوارح، ينخفض البصر، يخفت الصوت وتظهر عليه جميع آثار الهيبة التي يمكن أن يطرأ عليها فطريا إذا قدم الإنسان إلي حضرة صاحب الجلال والجبروت والمراد بالخشوع في الصلاة هذه هي الكيفية للقلب والجسم وهذه هي روح الصلاة "
لم هذا التناقض؟
كم من أناس اليوم من يرتكب الأعمال السيئة مع أداءهم الصلاة و الله سبحانه وتعالي يقول " إن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر " لم هذا التناقض ؟ لأنهم لاشك يصلون ولكن صلاتهم لاروح فيها لا خشوع ، ولاحضور قلب وبالطبع إذا كان القلب بيت خرب والروح مشغولة في الأمور الدنيوية فما الفائدة بحركة الجسم ؟ وكيف ينطبع عليه أثر الصلاة والحالة هذه مع أن الخشوع في الصلاة من الأهمية بمكان حيث علق الله سبحانه وتعالي الفلاح عليها فقال : " قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون " كما هو أول ما يرفع من هذه الأمة يقول النبي صلي الله عليه وسلم " أول ما يرفع من هذه الأمة الخشوع ، حتي لا تري فيها خاشعا " رواه الطبراني في الكبير واسناده حسن وهو في صحيح الترغيب رقم 543 وقال: صحيح
فوائد الخشوع :
من أهم فوائد الخشوع في الصلاة أنه يخفف أمر الصلاة علي العبد ويجد فيها لذة العبادة يقول تعالي " وإنها لكبيرة إلا علي الخاشعين " وليس هذا فحسب بل هي سبب لطمانينة القلب وانشراح الصدر وإذا حصل الخشوع في الصلاة تبدأ الأعين تبكي ، والقلوب تقشعر ، ويحصل الإستغراق الكامل في العبادة ،
الخشوع والنبي صلي الله عليه وسلم
انظروا في سيرة حبيبنا وسيدنا محمد – فداه أبي وامي – كيف حصل له النصيب الوافر من الخشوع تقول صديقة بنت صديق أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها " كان النبي صلي الله عليه وسلم يلاطفنا ونلاطفه فإذا أذن المؤذن فكأنه لايعرفنا ولانعرفه "
وأخرج الإمام ابودؤد من حديث عبدالله بن الشخير رضي الله عنه قال : أتيت رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء
الخشوع والسلف
يمكن يتساءل أحد ويقول هو رسول الله ، ولسنا مثله فانظر إلي سير الصالحين تجد في سيرتهم العجب العجاب في هذا الباب ،
هذا زين العابدين علي بن حسين رضي الله عنه عندما يفرغ من الوضو يقشعر بدنه بين الوضو والصلاة فلما سئل عن السبب قال : ويحكم أتدرون إلي من أقوم ومن أريد أن أناجي (حلية الأولياء 3/133)
وابراهيم التيمي اذا سجد جاءت الطيور وجلست علي ظهره .
وكان ابن زبير إذا قام في الصلاة كأنه عود من الخشوع .
وكان محمد بن بشار يصلي في المسجد فانهدم طائفة منه فقام الناس وهو في الصلاة لم يشعر.
وكان علي بن أبي طالب إذا حضرت الصلاة يتزلزل ويتلون وجهه ، فقيل له : مالك ؟ فيقول : جاء والله وقت أمانة عرضها الله علي السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملتها .