۩ ...اعلان اغتيال فلسطين .. اقيمو الجنازة او قومو للنفير ..!!..۩

اصبحت قضية فلسطين وكأنها قضية عابرة في زمن غابر ، ولا يجب النظر اليها الا وفق مصالح الأنظمة العربية التي عادة ما تقيم الأمور وفق اشكاليات بقائها في كراسي الحكم ، لا وفق مصالح وطنية و قومية .. و من هنا يبدو أن تأثير الرهاب السياسي و الفكري في منظومة الدول العربية انتقل كالعدوى و كالمرض الخطير الذي يشابه أمراض السرطان الى عقول الشعوب العربية التي تكتفي اليوم بالنظر و الحسرة دونما قدرة على التعبير و على المبادرة ولو حتى بمظاهرة تأييد لمواقف الشعب الفلسطيني الذي يقاتل بأظافره كي يستعيد جزءا من حقه المسلوب قهرا و قتلا و تدميرا ..

في عام 1948 أعلن رسميا عن قيام دولة " اسرائيل " بعد حروب عصابات شنها اليهود مدججين بالسلاح ومدعومين من حكومة جلالة الملكة البريطانية ، فقتلوا و نهبوا و شردوا الملايين من الفلسطيين و قتلوا الأطفال و الشيوخ و النساء و الرجال و كل من وقع تحت أيديهم دونما رحمة أو شفقة .. و جاء ذلك نتيحة أعوام من التحضير .. الا أنه في النهاية و تحت غباء التعاطي السياسي العربي سقطت فلسطين صريعة تحت أقدام اليهود و الانكليز ، و استمر الفلسطينيون بالتشرد منذ ذلك اليوم امتدادا الى يومنا هذا .. و ها هم يملأون الدول العربية المجاورة مخيمات و حياة تكاد تلامس حياة المتشردين ..

و منذ عام الـ 1948 الى يومنا هذا ، نشأت حركات نضال عريقة في صفوف الشعب الفلسطيني ، انضم اليها ثوار من عدد من الدول ومنها سورية و لبنان و العراق و الخ .. لكن هذه الحركات غالبا ما كانت تتعرقل نضالاتها بحكم أنها تنطلق من دول عربية و بالتالي فهي تعمل تحت رغبة الحكومات العربية و على مزاجها ، فالدول التي تحمل طابعا قوميا في التعاطي و تعتبر قضية فلسطين قضية مركزية ، كانت تدعم هذه الحركات و تمولها أما الدول الأخرى فكانت تعاقبها على نضالها و تحرمها من العمل و بالتالي تزيد من عقد حياة الفلسطيين على أراضيها ، ..

أضف الى ذلك أن قيادات الحركات الفلسطينية و أبرزها أبو عمار قد تعاطي مع المسألة في رغبة شديدة لديه في فرض سيطرة سياسية على البلدان التي لجأ اليها نتيجة القوة العسكرية التي معه و التمويل الهائل لديه ، كما حصل في لبنان و الأردن .. و هذا ساهم الى حد بعيد في تحطيم العمل الفلسطيني و طبعا ليس هذا هو الأساس ..

تعرض الفلسطينيون الى اعمال ابادة جماعية في مجازر سطر التاريخ فيها نقاط سوداء قاتمة منها مجزرة دير ياسين و صبرا و شاتيلا و الى ما هنالك من مجازر تعد ولكن الشهداء لا يحصون فيها لكثرتهم فهم قتلوا بالآلاف دونما أن يرف جفن للدول الكبرى التي تعاملت مع المسألة أنها من باب حفظ أمن اسرائيل ..

لكن هذه المجازر و هي تتكرر حتى يومنا هذا لم تنقص من عزيمة الفلسطيين على البقاء أحياء يقاتلون دعما لحق العودة ، لكن المشكلة التي ظهرت بعد اتفاق اوسلو الي تسلل اليه بعض الفلسطينيون مما ساهم الى حدا بعيد في ترخيص قصيتهم متسولين جزءا صغيرا من أرضهم فنالوا بذلك من صدقية التعاطي القومي معهم و الانضمام العفوي من قبل الشعوب الداعمة .. و هذه كانت ضربة قاسية و حينما حاول أبو عمار تعديل الموقف بعد اكتشاف درجة الغباء بالتعاطي حاول أن يتراجع قليلا فدعم حركات الانتفاضة الأمر الذي حرك الحقد عليه يهوديا و أميركيا فصار رمزا للارهاب .. و تمت تصفيته و تم فيما بعد تعيين محمود عباس ، المتساهل جدا في حقوق القضية المركزية للفلسطينيين ..

لكن الأمر الآخر الغريب و الذي لفتني ، أن أحدا من العروبيين و المدعي القومية العربية و المدعي عشقهم للقضية الفلسطينية لم يتذكر حتى أن 15 أيار هو يوم اعلان دولة اسرائيل وباالتالي اعلان اغتيال فلسطين ، فقط الفلسطينيون اعلنوا غصبهم مجددا رافضين لأن يبقوا مشردين في دول العالم ، و رافضين فكرة التخلي عن أراضيهم و يطالبوا بالعودة مذكرين بالمجازر و القتل و التدمير ...

ترى أين نحن اليوم من القضية المركزية الفلسطينية التي تربينا عليها ، و التي عشنا طفولتنا نسمع عبر الراديو ، رساائل فلسطينية من دول الجوار الى الداخل الفلسطيني ..

أين نحن من صرخة طفل يقتل ببندقية يهودية ، أميركية الصنع و اليوم يهودية الصنع ؟

أين نحن من النضال القومي ؟

أين نحن من أنفسنا التي نكاد نفقد قيمتها رويدا رويدا بدافع العولمة و مشاكل الدول التي ننتمي اليها وطنيا و تكاد قوميتنا تندثر تحت و طأة الأفكار الجديدة .؟؟

أين نحن من هؤلاء الفلسطينيون الذي يكابدون الألم و الوجع وحدهم و نحن نمر على الخبر في الاعلام مرور الكرام و كأنه خبر لا يعنينا ؟

أترى فقدنا الحس القومي و بدأنا نلتزم زمن العولمة المميت قبل أن نجني ثمار حسنا القومي ؟؟

أرى أأننا اليوم على شفير الموت أو أدنى إن لم نبادر الى صون أفكارنا التي تربينا عليها و الا فقليل علينا ما يقال فينا .. أننا بتنا نخجل من أنفسنا و أننا شعب الكروش ..