[/center]
عشاق الحرية والفرح لماذا اضطهدتهم البشرية؟
الغجر، شتتهم المسلمون واضطهدهم الأوروبيون
تاريخ طويل من الاضطهاد العنصري [فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل] على مر التاريخ بلغ ذروته في العهد النازي الذي عمل على إبادتهم.
ميدل ايست اونلاين
القاهرة – من سعد القرش تركت ألمانيا النازية بعد هزيمتها عام 1945 أكثر من كارثة أبرزها مأساة الغجر الذين لم يرد اعتبارهم ماديا وأدبيا على عكس اليهود الذين اهتموا بتوثيق معاناتهم من السياسة العنصرية للنازي.
ويرى الكاتب المصري رمسيس عوض أن بعض الفنانين والكتاب أنصفوا الغجر لكن الكنيسة والدولة مارستا نحوهم درجات من العنصرية التي أسهم فيها بعض علماء الانثروبولوجي الذي يبحث في أصول الاجناس حتى أصبحت مأساة الغجر أكثر تعقيدا وتشعبا من اليهود اذ لا ترتبط بنهج الزعيم النازي أدولف هتلر الذي حكم ألمانيا بقبضة حديدية منذ عام 1933 وانما بتاريخ من الاضطهاد والتمييز شاركت فيه معظم الدول الاوروبية.
ويقول في كتابه "الغجر بين المجزرة والمحرقة" ان الغجر ينحدرون من قبائل جوالة في شمال الهند "ولكن المسلمين أغاروا عليهم ودمروا بلادهم وشتتوهم في أرجاء العالم" وذهبت موجة منهم الى أوروبا قبل نحو ألف عام وتعرضوا لعداء الكنيسة ورجال الدين وبلغت قمة مأساتهم في الحرب العالمية الثانية حيث "أباد النازيون ربع مليون" منهم.
ويرى أن الابادة النازية [فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل] كانت محصلة لقرون من التمييز اذ "نص القانون الانجليزي الصادر عام 1554 على قتل الغجر" وفي القرن السابع عشر أضافت فرنسا اجراء "تعسفيا جديدا يتلخص في حلق شعر رؤوس النساء والاطفال" ولجأت بعض الدول الى "ممارسات وحشية" لتمييز الغجر بقطع الاذن اليسرى أو اليمنى أو وسم الاجساد. وفي المجر حوكم نحو 200 غجري عام 1782 "بتهمة أكل لحوم البشر".
وصدر الكتاب عن المجلس الاعلى للثقافة بالقاهرة ويقع في 282 صفحة كبيرة القطع.
ويشدد المؤلف على أن مظاهر العداء الاوروبي [فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل] لم تقتصر على الكنيسة بل امتدت الى الدولة فصدرت قوانين معادية [فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل] الذين استقرت [فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]تهم في الذهن الاوروبي باعتبارهم "حشرات" كما قال أحد القساوسة في القرن الثامن عشر وأدت مشاعر العداء الى ذيوع "اشاعات عنهم بأنهم ذرية حواء التي ضاجعت ادم بعد موته فأنجبت منهم أول غجري".
ويضيف أن بعض الفنانين كانت لهم مواقف ايجابية من الغجر منهم مؤلف رواية "دون كيخوته" الاسباني ميجيل دي سرفانتيس (1547-1616) فهو من أوائل الذين "مجدوا حياة الغجر الذين يعيشون في أحضان الطبيعة" في كتابه "لا جيتانيلا" كما أشاد الموسيقي الفرنسي جورج بيزيه (1838-1875) في أوبرا كارمن التي قدمها لاول مرة عام 1850 بحياة الغجر الطليقة.
وفي مقابل روح التسامح لدى الكتاب والفنانين يقول عوض ان "علماء الاجناس مهدوا بأفكارهم العنصرية لظهور التمييز النازي ضد الغجر" ومنهم عالم الانثروبولوجي اتش. جونتر في بحثه "أنثروبولوجية أوروبا" الذي "اعتبره النازيون كتابهم المقدس" كما أجرى عالم الاثنيات روبرت ريتر أبحاثا "عنصرية مسؤولة بشكل أو باخر عن ابادة النازيين لهم."
ويوضح أن علاقة ريتر بمعسكرات الاعتقال النازية كانت وثيقة مستنتجا من ذلك كله أن علماء الاجناس مهدوا بأفكارهم "العنصرية" لظهور التمييز النازي ضد الغجر وغيرهم بعد أن قدموا المبررات العلمية لذلك.
ويضيف أن العلماء النازيين وجدوا في الغجر ضالتهم لاجراء التجارب "على السلالات الدنيا" وأن أبحاثا نشرت منذ مطلع القرن العشرين عن التفوق العنصري الالماني وزادت حدتها بعد الحرب العالمية الاولى ففي عام 1920 نشر اثنان من العلماء كتابا عنوانه "اعتماد سياسة قتل من لا يستحقون الحياة" كما قرأ هتلر عام 1923 وهو في السجن كتاب "الوراثة الانسانية وصحة الاعراق" وضمن أفكاره في كتابه الشهير "كفاحي".
ويشير الى أن النازيين حين أدركوا خسارتهم الحرب دمروا الملفات التي توثق عنصريتهم ونجح اليهود في الاحتفاظ ببعض الوثائق في حين طوى الزمن مأساة الغجر بسبب أمية السواد الاعظم منهم. ومن المفارقات أن "اليهود هم الذين رووا للعالم مأساة الغجر…لم يخرج من الغجر مثقف أو باحث يستقصى مصائرهم في معسكرات الاعتقال على عكس اليهود."
ويقول المؤلف ان ألمانيا اتخذت عام 1939 اجراءات بهدف "الفصل العنصري للعرق الغجري فصلا قاطعا لا رجعة فيه عن الامة الالمانية" بعد أن صدر عام 1933 قانون بتعقيم بعضهم. وبعد نشوب الحرب تقررت ابادتهم بعدة وسائل منها تكليفهم بأعمال شاقة حيث شهد عام 1943 أكبر عمليات ابادة جماعية لهم.
ويعمل عوض أستاذا للادب الانجليزي بجامعة عين شمس وله نحو خمسين كتابا أولها "برتراند راسل الانسان" عام 1961 و"موقف ماركس وانجلز من الاداب العالمية" و"شكسبير في مصر/"و"جورج أورويل.. حياته وأدبه" و"من ستالين الى جورباتشوف".
وفي السنوات الاخيرة ركز جهوده على ما يخص اليهود منذ أصدر عام 1995 كتابه "شكسبير واليهود" وأتبعه بكتب منها "اليهود والادب الاميركي المعاصر" و"اليهود والادب الاميركي المعاصر في أربعة قرون" و"اليهود في الادب الروسي" و"الهولوكوست في الادب الاميركي" و"الهولوكوست في الادب الفرنسي" اضافة الى كتب توثق بعض معسكرات الاعتقال في عهد النازي اخرها "معسكر الاعتقال النازي برجن بلسن الذي ساهم في انشاء دولة اسرائيل" و"أشهر معسكر اعتقال نازي للنساء.. رافنزبروك 1939- 1945".
ويقول عوض ان معظم الدول الاوروبية اضطهدت الغجر ففي النمسا نظر اليهم باعتبارهم "مجرمين عتاة يعيشون كالطفيليات" وأمرت ادارة شؤون الغجر التابعة لقيادة الشرطة بفيينا بترحيل الغجر الى معسكرات الاعتقال.
لكن معاملة الغجر في ايطاليا في عهد الزعيم الفاشي موسوليني "كانت فظة دون أن تكون وحشية" حيث تم ترحيلهم الى بعض الجزر ليذهبوا الى حيث يريدون. وفي حالات أخرى كان يتم طردهم خارج البلاد كما حدث خلال الحرب العالمية الثانية حيث طرد بعضهم الى يوغوسلافيا.
ويقول ان السلطات الفرنسية أنكرت على الغجر حق السفر والتنقل ووضعتهم تحت المراقبة مضيفا أن اضطهاد الغجر في فرنسا امتد الى الجزائر التي كانت واقعة تحت الاحتلال الفرنسي حيث توفي بعض السجناء البالغ عددهم نحو 700 غجري في معتقل ميزون كاريه بالقرب من الجزائر العاصمة.
ويشير الى أن الغرفة الزراعية في بودابست اقترحت عام 1944 "تعقيم كل الغجر الذكور" في المجر نتيجة التعبئة المعنوية المضادة لهم حيث أشار البعض الى أن "الغجر المجريين" يكلفون الدولة نحو 22 مليون دولار سنويا "تنفق على حراستهم دون طائل" لكن العنصرية لم تصل الى درجة المطالبة بابادتهم.
ويضيف أن الغجر في رومانيا بسبب مواهبهم الموسيقية كانوا موضع اعجاب "شابه عدم ثقة ونبذهم على المستوى الاجتماعي" لكن الحكومة لم تفكر في ابادتهم بل عمدت الى طرد بعضهم لتفكيك الكيان العائلي لهم "حتى الغجر الذين أصيبوا في العمليات القتالية في الحرب العالمية الاولى لم ينجوا من أمر الطرد" مشيرا الى أنه تم ترحيل البعض عام 1942 وهم يرتدون الزي العسكري الروماني.
اخوكم وحبيبكم الراقص