تعريف الأدب، وتطور مدلول الكلمة:
الأدب فن من الفنون الجميلة التي تصور الحياة وأحداثها بما فيها من أفراح وأتراح، وآمال وآلام، من خلال ما يختلج في نفس الأديب ويجيش فيها من عواطف وأفكار، بأسلوب جميل، وصورة بديعة، وخيال رائع.
وقد مرت كلمة "أدب" بأطوار متعددة منذ أن عرفت في العصر الجاهلي إلى أن استقر مدلولها في العصر العباسي.
أ ـ ففي العصر الجاهلي: استعمل الجاهليون كلمة "أدْب"- بسكون الدال- بمعنى الدعوة إلى الطعام، والدعوة إلى الطعام خصلة حميدة وخلق فاضل، ولذلك نجد طرفة بن العبد[1] يفتخر فيقول:
نحن في المشْتاةِ ندعو الجفَلى
لا ترى الأدِب فينا ينتقِر[2]
والأدب هو الداعي إلى الطعام الذي أعد المأدبة.
كما استعملوا أيضا "آداب" بمعنى أخلاق، ففي كتاب النعمان بن المنذر إلى كسرى مع وفد العرب "... وقد أوفدتُ- أيها الملك- رهطاً من العرب لهم فضل في أحسابهم وأنسابهم وعقولهم وآدابهم"[3]
ولا تنافي بين هذين المعنيين؟ فالدعوة إلى الطعام أثر من آثار الخلق الحسن الذي كما يدفع صاحبه إلى إكرام الضيوف وإطعام الطعام.
ب ـ وفي العصر الإسلامي: أخذ مدلول هذه الكلمة يتسع ليشمل التهذيب اللساني إلى جانب التهذيب الخلقي الذي هو النشأة الصالحة وحب الفضيلة والابتعاد عن الرذيلة، فقد ورد في الحديث الشريف عن النبيّ صلى الله عليه وسلم - أنه قال:إ أدّبني ربي فأحسن تأديبي، وربيت في بني سعد"[4]. وجاء عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قوله لابنه: "يا بني انسب نفسك تصل رحمك، واحفظ محاسن الشعر يحسن أدبك".